28‏/6‏/2011

حمْلة دعم لا تدعم !


 
بعد رفض مرجعيات (بل رجعيات) دينية في لبنان لمشروع قانون حماية المرأة من العنف الأسري،                                بحجة تعارض القانون مع الشريعة ، طالعتني على الفايسبوك حملة افتراضية لدعم حق المرأة في تطبيق هكذا قانون .

تقتضي الحملة إضافة إسم عائلة الأم على الإسم الثلاثي لكل شخص على الفايسبوك !

للوهلة الأولى قد يبدو الأمر لطيفًا ظريفًا و يساهم في دعم مشروع القانون المعني ... و لكن .
يفوت مطلقو و داعمو الحملة الافتراضية أنهم و بذلك إنما يغذون ثقافة خفية تقوم على التمييز و التفرقة،
و لو عن غير قصد أو دراية

الإعلان عن الانتماء لعائلة الأم فضلًا عن الأب لا يفيد بشيء سوى إلصاق انتماء إضافي لكل شخص معني ... عشيرة إضافية فقط لا غير ! بماذا يفيد ذلك المرأة التي تتعرض للعنف ... هل اسم عائلتها سيحميها ؟ لا يفيدها بشيء طبعًا بل يضفي على المسألة بعدًا أعمق تمييزًا ... بين رجل و امرأة ... بين ذكر و أنثى !

في سعينا لتحقيق العدالة و المساواة بين الرجل و المرأة نقع دائمًا في خطأ قاتل مميت ... خطأ فرز المجتمع إلى فئتين : فئة الرجال و فئة النسوة ! هذا فرز مهين للمجتمع بأكمله لأنه إنما يدل على قصورٍ في فهم معني العدالة .
تمامًا كالقول بأن المرأة نصف المجتمع ! عبقرية فعلًا هالجملة ! المرأة نصف المجتمع . و كأن المجتمع الحي يمكن تجزئته !
الرجل و المرأة كل المجتمع ، والمجتمع المنقسم بين الاثنين مجتمع مريض مصيره الموت

نحن الذين ندّعي أننا علمانيون تقدميون إصلاحيون وحدويون إنما نمارس التجزئة ببرائة محزنة . عواطف مش عقل !
نقع في الخطيئة إذ نواجه رجال الدين بوسائلهم الجاهلية ذاتها . كيف يجوز ذلك يا جماعة ؟
عوضًا عن التفريق بين الجنسين سعيًا لإحقاق الحق ، يجب اتباع الطريق الذي يدرك أن المجتمع لا يُقسّم،
بين رجل و امرأة أو طائفة و أخرى أو دين و آخر أو لون و غيره و لا حتى بين شباب و كهول و عجزة .
الحال واحد للجميع و لا يجوز الانطلاق من الجزء في إصلاح الكل .

قانون حماية المرأة من العنف الأسري إنما يجب أن يكون "قانون حماية الإنسان من العنف الأسري" و هو بطبيعة الحال سيعالج مشاكل المرأة الخاصة في هذا المجتمع الأبوي  ولكن الحال يبقى أن هذا المجتمع الأبوي المريض هو الذي يتنازل و يمنحنا هكذا قانون

المجتمع الأبوي المريض لا يواجه بالمزيد من الانقسام ، فهذا الانقسام إنما يفيده و هو يقتات منه ...
هو متجذر في تربيتنا لدرجة أننا لا نستطيع حتى التفكير خارج قواعده المطلقة ... لا بد من الانتباه لذلك و كسر هذه القواعد عبر الانطلاق من نقيضها : المجتمع كائن حي واحد لا يجزأ ...
واعذروا وقاحتي .

هناك تعليقان (2):

  1. Although I agree with most of what you stated, but you haven't answered the question how adding our mother's family name to our full name is actually discriminatory? We are definitely not helping her directly if she has experienced family violence, but it is a protest, it is a statement. You are stating that this action may harm our cause, but I still don’t get it from what you wrote. Yes, positive discrimination I am against it, and advocating more social divisions is also bad. But I still don’t get how you linked this campaign with the later. Adding the family name of the mother along with the family name of the father is the best way to remind people that men and women are equals, that every single person of us is created equally by a man and a women. This is also very important to highlight it in relation to the citizenship inheritance law. Criticism for the sake of criticism is very harmful for just causes, especially if is coming from someone who is socially aware and responsible such as you.. Thank you, Rabih

    ردحذف
  2. شعرت أن إضافة إسم عائلة الأم إنما يؤكد على التمييز بين المذكر و المؤنث في هذه الحالة بالذات ، لأن القانون أصلًا يحمل بعض الشوائب في تسميته إذ يستثني الرجل و الطفل في معالجته لموضوع العنف الأسري ! في هذه الحالة فقط رأيت أن الحملة لا تضر و لكن قد تشير إلى خلل متجذر في التفكير مردّه إلى تربيتنا في المجتمع الأبوي . ربما حساسيتي زآئدة في هذا الموضوع بالذات و لم أقصد إلحاق أي ضرر و النقد ليس هواية بل بناء ... و شكرًا لك للتصويب .

    ردحذف