22‏/7‏/2009

إلى روح سعاده ابو ناصيف .



كيف اخترت تموز موعدًا للعبور ؟
ألأن الأفكار تصنع لنفسها ، في بعدٍ آخر ، وجودًا من ضوء ؟ 
هل أمسكت بإصبع أدونيس و دخلت في ظله ، لتلتقي سعادة ؟ 
قل لي ما السر ؟ كيف نعشق تموز أكثر ؟ كيف فيه نحيا ؟

مجيدة هي  يا رفيقي تلك الدائرة التي تعود بنا إلى اللحظة عينها كل زمن !
الحمكة ربما في أنها لا تتوقف عن الدوران ، فتحيي و تميت و تحيي و تميت . لا زمان خارجها ، و لا مكان . فقط عبور إلى اللحظة الحية. بالروح الحية. 
هكذا شاءت الدائرة أن تقبض على ذكراك ، أن تلتقطها في تموز ، لأن فيه ولادة. نحن نعرفها . نعرفها حق المعرفة. 

إذهب الآن . لا تنظر خلفك مهما رجوناك البقاء. نحن أنانيون . 
إمض ، و لا تحم فوقنا كثيرًا . حلق إلى حيث تشاء ، في دورة كاملة . 
فقط نقول : أحببناك .

يخفق القلب بين الحرف و الحرف يا رفيقي ، و هناك يقف كل الزمن . 
قلبي يقول إلى اللقاء ... سعاده، إلى اللقاء !

5‏/7‏/2009

السّعْدُومامِيّة، نظرية نحو المستقبل !


عندنا في هذه الأرض المسماة بلدًا ، مجموعة ألقابٍٍ يطلقها الناس على البعض منهم (أو من غيرهم) تجعل دماغك يجهد لفهمها و حل ألغاز معانيها .
هاك لقب كثر استعماله مؤخرًا نتيجة اختناق الشاشات بحامليه الأفاضل !
السعادة . القيمة التي انطلق البشر في رحلة البحث عنها منذ أكلوا التفاحة (و أكلوها من وقتا ) ، وجد العقل اللبناني طريقًا سريعًا إليها . "هاي واي " أخو إختو .
إدفع بضعة مئات من الملايين ، و تزحفط للزعيم و انتصب شامخًا في حضرة طائفة من اختيارك السليم (الحر أكيد) و ستجد السعادة تمثل أمامك و تمتثل لحضرتك كلما ذكر أحدهم اسمك، حتى و لو كان الذاكر مْعَتّر منتوف و صاحب مأساة.
سعادة النائب يصبح لقبك . مش حيللا يعني .
سعاااااادة النائب عدوان مثلًا . قليلي هاي . وجدنا بعد استحالة ، ما يجمع العدوان بالسعادة .

على أي حال ، و في كل الأحوال، و لكي لا نتهم بالتحيّز ، فكل النواب عندنا أصحاب سعادة .
فبما أنك نائب عن هذه الأرض المسماة بلدًا ، أنت نائب عن الأمة و الأمة بك ولا بدّ سعيدة.
سعيدة بأكل الفتوش و زحل الجبال إلى صحارٍ علها تلفظ بعض النفط.
و الأمة سعيدة حتمًا بالزهرة ، فعطرها فوّاح و ماضيها نوّاح.
سعيدة بالجسر و هي تعشق الحوار و التواصل مع غيرها من الأمم الحرة.
سعيدة بالسلام العائد مزهوًا على أبسطة الحرير و أبواق الثقافة .(و خود على علم)
سعيد ة بدود القز و بغل المكاري المحمل بالزيت و الزيتون . سعيدة بالعون القادم من الرب المصلوب من أجلها ، و سعيدة حتى بمن في سبيلها أبدًا حردان .
هذه أمة سعيدة، حقًا سعيدة ، و تستحق لقب : سعادة الأمة .
فنقول مثًلا : ممثل سعادة الأمة في الأمم المتحدة ، أو سفير سعادة الأمة في دمشق ، أو "فخامة" رئيس سعادة الأمة . و نصبح نحن من مواطني سعادة الأمة نحمل جواز سفر سعيد أممي ،
و بطاقة هوية سعد أممية ، و نخدم في جيش السعادة الأممية و نؤسس لحضارة جديدة بعدما أسسنا للأبجدية الأوسع، فنطلق للإنسانية جمعاء نظرية السَعْدُوْمَامِيّة المستدامة في السياسة و الاقتصاد
و لكي نثبت سعادتنا و و سع خيالنا و خصوبة فكرنا السعدومامي ، نسمي لرئاسة حكومتنا السعدوماميّة ، السعدوماميّ الأكبر .... الشيخ سعدومامي الحريري .

دمتم للسعد و الإسعاد و لتحي سعدوماميا ...

ملاحظة على الهامش : ليس لسعدوماميا ونظرية السعدوماميّة الآجتماعية السياسية أي علاقة بمدرسة آل سعود ، و الشبه اللفظي محض صدفة (أو مَحْصوفاوي).


5‏/5‏/2009

من المحرقة إلى المعركة .

في حالات الهلع التي قد تصيبنا و تتسبب بصدمة نفسية تستمر و تنمو مع الوقت، يبدو أن الدماغ البشري يتعرض فيها لعملية تغيير قوية في وصلاته العصبية.
تلك الوصلات المختصة بنقل انفعالات الصدمة عبر الدماغ تترسخ في كل مرة نتعرض فيها لما قد يذكر بحالة الهلع تلك ( كالنجاة بأعجوبة من حادث سير أو من مجزرة ، مشاهدة موت عنيف، حرب، اغتصاب، ألخ ). 

الأميغدالا Amygdala التي تعلمت حديثًا هذه التجربة النفسية القاسية (مراجعة من خطف أدونيس ١ و ٢ و ٣ )، و حفظت كل المشاعر المتعلّقة بها، تتحول لذاكرة متيقظة متأهبة لإطلاق العملية الكيميائية العصبية نفسها في كل مرّة تواجه فيها ما قد يستحضر الحدث المعني (صوت إغلاق باب عنيف قد يذكر بقذيفة قتلت أحد ما أمامنا، أو ربما حجر خفان مطلي بالأحمر قد يذكّر بمجزرة حصلت ذات يوم في حلبا).
تطلق الأميغدالا عندها الانفعالات نفسها التي رافقت الصدمة .
هذه عوارض يعرّفها علم النفس بال post traumatic stress disorder ، قل الإضطرابات العصبية لما بعد الصدمة أو PTSD .

مؤخرًا وقعت عيناي على دراسة تشير إلى أن ربع الناجين من المحرقة النازية تخلصوا من هذه الإضطرابات. ربعهم فقط ! أما من تبقى فيعيش حالة نفسية صعبة. الرعب رفيقهم الدائم .
هذه حقيقة من الغباء تجاهلها ، حقيقة لا بد من فهمها و التعامل معها كحالة تميز معظم المجتمع الإسرائيلي .
طبعًا، لم يتعرض الاسرائيليون جميعًا لهول المحرقة، و لكنهم برأيى يتعرضون لما هو أسوأ ربما. التربية على ثقافة المحرقة !
ثقافة المحرقة هنا إنما تقوم على أسس عدة أبرزها :

١- منذ ولادته يتربّى الاسرائيلي في مؤسسات تربوية تعليمية ضخمة بميزانياتها (و معظمها تديرها و تمولها جهات اليمين المتطرف) . أضف إليها ما يتلقاه من تدريب على الخوف في عائلة إنما توارثته جيلًا بعد جيل .
تاريخ من الخوف ، معزز بتهديد داهم كل يوم كما يعتقدون.
الخوف ، هو العارض الأبرز في اضطرابات ما بعد الصدمة كما يوثقه علم النفس عبر الزمن.

٢- دراسة نفسية إحصائية أخرى ، تفيدنا بأن ضحايا العنف الذين اعتقدوا أن ما في يدهم أي حيلة ، أولئك الذين عجزوا عن أي فعل، هم أكثر عرضة لاضطرابات ما بعد الصدمة من أولئك الذين حاولوا أن يفعلوا شيئًا ما و لو فشلوا في ذلك.
ضحايا المحرقة و الناجون منها، كانوا عاجزين عن أي فعل سوى مراقبة الأجساد الجائعة المشتعلة و صم الآذان عن نواحها!
العجز من أهم أسباب اضطرابات ما بعد الصدمة ، و هو يخلق شعورًا بالضعف المفرط يرافقه ذنب فظيع وميل للإنزواء.
أجدادنا كانوا ضحايا العجز تقول ثقافة المحرقة و تعزز ذنبًا دينيًا أخرق يحاول هستيريًا التسلح بأسباب القوة !

٣- تشير الدراسة نفسها حول ال PTSD إلى عارض ثالث مقلق يرافق مرضاها .
هم بمعظمهم يعجزون عن التعاطف مع غيرهم من البشر ! أي أنهم و بتوصيف أدق يعجزون عن قراءة مشاعر الغير و بالتالي فهُم لا يتفاعلون معها .
هذا بالذات ما تنتجه ثقافة المحرقة. إن كنت أنا الضحية و العالم كله عدوي ، فإني عاجز عن التعاطف مع أى من مآسيه.

هكذا تقود ثقافة المحرقة إلى مجتمع كامل مصاب بهستيريا اضطرابات ما بعد الصدمة !
تغذية الوصلات العصبية الناقلة لانفعالات الخوف و ما يرافقه من اضطرابات ما بعد الصدمة يومًا بعد يوم و جيلًا بعد جيل ،إنما يصنع مجتمعًا مشوهًا مريضًا .
هكذا تصنع الصهيونية أبناءها المستعدين أبدًا للقتال! سلّم المصاب بالهلع سلاحًا ، و سيقوم بقتل كل من يلقي عليه التحية !

أمام واقع ٍ كهذا و أمام ثقافة كتلك، ما العمل ؟
كيف نواجه هُذال العدو القابع على صدرنا في الجنوب ؟
فلنعترف . نحن أمام معضلة !
فلنواجهها و لكن و بالطبع ليس على طريقة أحمدي نجاد .

نكران المحرقة أو محاولة التقليل من حجمها لا يفيد بشيء بل هو تعامٍ عن حقيقة عدو مريض . تجهيل . تجاهل . ارتجال أحمق .
هو ارتجال يضع صاحبه في مصافي الأبطال في هذا العالم العربي الغارق في الأمية .
يجب أن ندرك أن المصاب بالهلع لا يجيد التفكير الصحيح ، و انجاز المقاومة الأخير في لبنان إنما أتى من دراسة طويلة لعقل العدو و أساليبه .
يجب الانطلاق من المحرقة إلى المعركة ، و ليس تجاهلها بل دراستها بعمق.

و بئس المصير لمن لا يعرف عدوه !
- يتبع-



11‏/4‏/2009

حسني لن ينام !

حسني من جديد في مأزق .
كيف يتصرف ، ماذا يقول لشعبه ؟
قبضنا على شبكة من المناضلين تدخل السلاح إلى أهلنا المحاصرين حتى الموت في فلسطين ؟
قبضنا على أحرار لم يخافونا و وضعوا حياتهم على الأكف و وقفوا لنصرة الأهل المذبوحين في غزة ؟
قبضنا على مقاومين شرفاء ؟
هو لا يملك أن يعترف بذلك ، فصور المظاهرات بالأمس القريب لا تزال تقض مضجعه ، يوم حاصر أهله و لا يزال .
طبيبه الشخصي استنفذ كل ما بحوزته من مهدئات و منشطات و مقاومات للخوف، فنصحه بضرورة الكذب ، و لحسني في الكذب باع طويل ، منذ إعدام السيد السادات حتى اللحظة .
هرع من غير تردد إلى هاتفه الأحمر الكبير وصاح في مدعيه العام : خلصني من أرقي و افعل ما علمتك و ما اعتدت عليه ، إكذب حتى تصدق نفسك و يصدقك الشعب ، أنا مش ناقص .
و المدعي العام منصب لا يعطى في مصر إلا لمن يستحقه ، لمن يجيد الإدعاء دون رفة جفن ، فصدر البيان :
"قبض الأمن المصري على شبكة تابعة لحزب الله تخطط لتنفيذ عمليات تفجير في مصر لضرب الاقتصاد المصري " .
( و كأن لمصر اقتصاد أصلًا ).
عاود المدعي الاتصال بحسني : كلو تمام أصدرت البيان المناسب و اتصلت بالسفير الاسرائيلي و بنظيره الأمريكي ، لا تقلق يا ريّس و نم قرير العين .

نام حسني علي حرير تلك الليلة . و لكن ليس لوقت طويل . صاح الهاتف الأحمر فأيقظه و سوزان و جمال المستلقي بينهما !
أبو الغيظ (نعم بالظه) صائحًا : حسن نصرالله يوجه كلامه إلينا الليلة يا ريس ، ماذا نفعل ؟
تململ حسني و تململ و تلعثم و كاد أن يتقيّأ ، سوزان ، صاح مرتجفًا ، أعطني البرشام ، فين الليكزوتانيل بتاعي ؟
تناول حبتين و تنفس بعمق : لست أدري ما عليك أن تفعل ، تصرف ! أنشر البلاطجة في الشوارع بسرعة ، خلي وزير الداخلية يتصرف ، و إحجز لي فورًا على شرم الشيخ ، أعصابي تلفانة .

قال السيد الشريف تلك الليلة :
«نحن نحكي الأمور بوضوح وبمسؤولية، والذي نقوم به لا نستحي به ولا لحظة، لذلك أقول، أولاً إن الأخ سامي هو عضو في حزب الله ونحن لسنا ناكرين هذا الموضوع ولا مستحين فيه. ثانياً، إن ما كان يقوم به على الحدود المصرية الفلسطينية هو عمل لوجستي لمساعدة الإخوة الفلسطينيين في نقل عتاد وأفراد لمصلحة المقاومة في داخل فلسطين. وهذه هي المسألة الصحيحة الوحيدة التي لم ترد في الاتهامات، مع العلم بأنني قرأت الوقائع».
 «اللافت أنه عندما وقع الاعتقال قالت وسائل الإعلام المصرية إنه تم اعتقال مواطن لبناني وآخرين بتهمة نقل عتاد إلى قطاع غزة، لكن المدعي العام في كل بيانه لم يقارب هذا الموضوع نهائياً، مع العلم بأنه هذا هو الموضوع فقط ولا شيء آخر على الإطلاق».
"إذا كانت مساعدة الفلسطينيين جريمة فأنا اليوم بشكل رسمي أعترف بهذه الجريمة، وإذا كان ذنباً، فهذا ذنب نتقرب به إلى الله ولا نستغفر منه، وإذا كان هذا الأمر تهمة، فنحن نعتز ونفتخر بهذه التهمة والكل يعرف أنها ليست المرة الأولى التي يعتقل فيها إخوة من حزب الله وهم يحاولون إيصال السلاح إلى الفلسطينيين في فلسطين المحتلة».
«إذاً، الذي يجب أن توجه إليه الإدانة هو النظام المصري لا سامي ورفاق سامي، لأنّ هذا النظام ما زال يحاصر قطاع غزة رغم حاجة قطاع غزة»،


بعد لحظات من كلام السيد نصرالله ، اختفى الليكزوتانيل من صيدليات القاهرة و شوهدت شاحنات ضخمة تدخل القصر الرئاسي ليلًا .
نعم ، مواجهة النفس لكذبها أمر صعب .
تحيا مصر ! ! ! !



29‏/3‏/2009

ثقافة القبح !


لا أجد تعريفًا للقبح إلا في انعدام الجمال.
و الجمال هو كل ما يشبه الروح البشرية لحظة سموّها و اتصالها بالحب جوهر طبيعتها .

حدث أن جاري في القاهرة يمتلك صوتًا "قبيحًا" .
هو إن تحدّث بأمر وجب عليه أن يخفض صوته كي لا يتسبب بانهيارات عصبية لي و لسكان المباني المجاورة !
لست هنا في معرض انتقاد صوته القبيح إذ ما في يده أي حيلة ! هو ولد و الحال هذه !

المشكلة عندي تكمن في استخداماته لهذا الصوت القبيح !
من الواضح لأي أذن بشرية مرهفة أن صوت جاري لا و لن يصلح للغناء . لن تطرب له أي نفس طبعًا !
لن تتمايل له أهداب و لن يميل له أي غصن بان !

لكن لجاري و للقيمين على مهنته رأي آخر .
هم رأوا فيه و لا بد شيئًا مختلفًا ، مميزًا ، قل ربما مقدسًا ، فما كان منهم إلا أن عينوه مؤذنًا في ناصية الشارع ، و زودوه مكبرات للصوت ليس بعدها تكبير ! فللنداء على الصلاة في هذه المدينة الديّنة أهمية قصوى.

الله أكبر يصيح الجار خمس مرات كل يوم بليله و فجره ، أقول يصيح و أشدد على فعل الصياح ، فهو يصيح و لا ينادي !
و في صياحه يشدد على جملتين مهمتين :
"سمع الله لمن حمده " يقول . ثم يحمد الخالق على هذه المهنة التي تطعمه في الدنيا و تشبعه في الآخرة عسلًا و لبنًا .
و عند الفجر يصيح في أذني التي لم تعتد صياحه بعد ، ليؤكد أن "الصلاة خير من النوم " ، خير من النوم ، خير من النوم !
لصوته فعالية رهيبة في إيقاظي ( ليته يصيح عند الثامنة صباحًا ليفعل ما عجزت أعقد الساعات المنبهة عن فعله معي ) .
هذا الصوت نفسه الذي أرتعد في سريري عند سماعه لم يتمكن بعد من إقناعي بأن الصلاة خير من النوم ، و أنا لست بكافر حتى اللحظة !

لا بد من خطب ما إذًا، من عقدة ما تجعله يفشل في زحزحتي من السرير !
العقدة تكمن في فهمي للصلاة كاتصال بالله ، جوهر الجمال .
كيف يمكن للقبح أن ينادي الجمال ؟ هنالك استحالة في ذلك ، بالنسبة لي على الأقل .
هنالك استحالة في التقاء العنف بالمحبة و ما صوت جاري إلا تجسيد لعنف الوهابيين . لرفضهم المطلق للجمال .
الجمال عندهم نجاسة ، و الصوت الجميل يحمل تفاعلات جنسية ، لذا يختارون الأقبح مدخلًا للصلاة .

القاعدة الأهم التي يتعلمها كل من يمارس التأمل ، تكمن في أن الاتصال بالجمال الذاتي مدخل أساسي للاتصال بالجمال المطلق ، بالله المصدر .

هذه هي عقدتي مع جاري الموهوب بوهابيته ، عقدتي مع الوهابية الزاحفة إلينا من صحراء الخيال ، من مدن الملح المزدحمة بقبحها ، من خليج البشاعة .
هي ثقافة القبح التي بكل وضوح غزت القاهرة و ناسها و تغلغلت حتى الروح .
صوت الجار المؤذن رذاذ وسط بحر القبح السائد ها هنا .
صياح الجار قبح ينخر في عظامي ، لكني لن أرضخ و لن أصلي ما دام هو المنادي ، فافتحوا لي أبواب الجحيم على مصراعيها ، لا بد لي من رحمة ما هناك !



12‏/3‏/2009

عن الأمن و الوزير و المؤسسة الدينية !

لم أشاهد فيلم HELP اللبناني بعد و يبدو أن حظوظي في مشاهدته قد طارت مع قرار الأمن العام اللبناني (القندهاري) بمنعه .
لا زلت لا أعرف قيمة الفيلم الفنية أو الفكرية أو الاجتماعية بعد، و لكن قرار المنع استثار كل وصلاتي العصبية من الأخمص إلى الدماغ
و جعل عقلي يتناطح و بعض الأسئلة التي لا بد لي من طرحها .
أطرحها على الأمن العام (لم يعد عامًا أبدًا بل تدخل في حياتى الخاصة جدًا) و على الوزير المستجد بارود (لم يعد مستجدًا بل صار متمرساً في زواريب التنازل ) و على الموسسات الدينية في لبنان (الحاكم الفعلي المتحكم بالرقاب و الأرزاق و أبواب الجنة) !

أستصرخ الأمن العام الإجابة عما يلي :
هل نحن في دكتاتورية ؟ لأن الأمن عندما "يعم كثيرًا" يلامس الديكتاتورية .
من نصّب ذاك الرقيب رقيبًا على أخلاقي ؟ من اعتبر أنه أفضل مستوًى مني و أكثر وعيًا و اعمق رؤيا ؟ هل لنا أن نختبر مستواه ؟
الديكتاتور يعرف مصلحة الشعب أكثر من الشعب ، و هكذا يحكم باسمه و لخيره ! أليس كذلك ؟

و الوزير الأب المحامي خالد بن زياد بن بارود الداخلي :
هل تسربت إليك أخيرًا أمراض الوزارة و السياسة و ألاعيبها ؟
هل بعدما سمحت لنا (و لا شكر على واجب) بشطب المذهب عن الهوية أصبحت مضطرًا للتنازل أمام المؤسسة الدينية ؟ ( و أعني هنا بالذات رقيب الظل المبجل الحنيف الفنان الأول المركز الكاثوليكي للإعلام )
وهل يحق لجهاز أمنك العام أن يصادر صلاحياتك بسحب رخصة عرض فيلم ؟ أم أنك مستعد للتنازل عن بعضها لصالح جهاز ديني ( و كل دين غباء عندما يفرض فرضًا) ، كي لا تتسبب لنفسك بدخول الجحيم ؟
أم هو مجرد تأجيل للجحيم الذي قد تلاقيه من مطارنة و بطاركة و شيوخ طالت لحاهم حتى فاضت ؟
بالأمس يا أب زياد ، تدخلت لرد الرقيب عن منع فيلم "سمعان بالضيعة" ، هلا تدخلت من جديد أم أن الوضع هذه المرة أكثر تعقيدًا ؟ مارس الشجاعة اليوم يا أب زياد فهي صفة دائمة و ليست بفعل مؤقت !
مارسها و إلا إرض بلقبك الجديد : الأب الديكتاتور .

أما المؤسسة الدينية فعندي لها أسئلة بحجم درب اللبانة و أكبر بدأت مع لحظة ولادتي في عالم الطوائف الأسمى (و لكنني سأختصر) :
يا أب فلان و شيخ فلاني ، كيف لله أن يجعل منكما رقيبين على أنفاسي و أنفاس إخوتي العباد ؟
هل يحبكما أكثر مني ؟ لا أصدق ذلك ، عفوًا يعني !
هل لا زلتما تعتقدان أن في هذا العالم مكان لسلطة الله على الأرض ؟ (ما عدا قندهار و مصر و جيبوتي )
كيف تريدان مني أن أسمع لكما و أنتما سبب كل عذاباتي تحت أغصان الأرزة التي على العلم ؟ (ليتها كانت قرنبيطة لاستطعت على الأقل أن أسد بها جوعًا )
أوليس التكفير بسهل ؟ أولم تسمعا عن التكفير و الهجرة أو التفكير بالهجرة ؟ (لكما أن تختارا أحدهما و تختفيان من حياتي ) خيي كفرونا و فلو عنا
أوليس من الأفضل لكما العمل داخل معابدكا و أن تبتعدا عن عالمنا المعربد ، و إن أتيناكما بعد ذنب تغفران ؟
لا جواب عندكما طبعًا لأن اللاهوت و الشريعة حكر على المؤمنين و نحن رواد كفر . لذا دعكما من الجواب و استمعا لنصيحة أخ لكما في الإيمان :
ضبو الشنطة اليوم أفضل . لأنو وصلت عالآخر . أف .

5‏/3‏/2009

ذبيحة العرس !


لاحقتني روائح القتل أينما وليت الوجه !
ثقيلة حارّة رطبة لزجة ،
تجد طريقها من الأنف إلى اللسان فالحنجرة ، و تلتصق .

جعلوهم ينظرون الموت في عينه.
شاهدتهم يذرفون دموع الرعب و يتهاوون واحدًا تلو الآخر . يتخبطون في دمائهم . بعضهم سقط قبل أن يذبح ، خارت قواه تحت وطأة الخوف !
بعضهم طأطأ الرأس و ناح ، و بعضهم .... لم يفهم :

كيف سال الدم من طلعت حرب إلى قصر النيل إلى النيل ! كيف تحرك الأسدان للرائحة !
كيف باسم الله ارتكبت المذبحة!
كيف أزهقت الأرواح و هلل الناس للموت !
كيف صاحوا و صاحوا و لوثوا الحيطان و الأزقة بالكف الأحمر !
كيف يتعمد المجرم ترك بصماته في المسرح فخرًا بالجريمة أو عبرة لغيره من القتلة !
كيف يصبح فعل القتل مقدّسًا !
كيف يسيرون بعد اليوم في شوارعهم !
كيف بعد اليوم يعاودون انتعال أحذيتهم الدبقة !
كيف يغسلون الأيدي و يمضون ... ... للصلاة !
أي وضوء هذا ؟
و أي إله هذا ؟
وأي صلاة تلك ؟
و أي خلق أجدر بالحياة ؟
أكلة اللحوم آلات القتل ، أم الدواب القانعة التي باسمه تنحر؟


لعنة الوجود عليكم و على عاداتكم و تقاليدكم و صلواتكم و معابدكم و رجالكم و نسائكم ، اللعنة على من يسكت عنكم يا حثالة ، يا من جعلتم الغضب يدخل قلبي من جديد !
قذارة !

25‏/2‏/2009

كاميرا التأمل !


انتابتني حالة من الوعي الأعلى ، من الاتصال المطلق بالكون و تفاصيل الحياة ، يوم نظرت إلى المدينة من بوابة الكاميرا .
يومها حاولنا و حاولنا أن نلتقط نبض الشارع بالصفر و الواحد ! حصل ما حصل . راحت الكاميرا تتحرك وحدها ، و كأنها امتلكت وعيًا و راحت من خلاله تتحقق
هي كلحظة الولادة . عندما يخرج الجنين إلى الوجود ليدرك نفسه. وعي مجرد من الأنا لأنه وعي جديد ، نظيف ، متحرر .
هي كلحظة التفلت في ممارسة التأمل . تنفصل الذات عن نفسها، تتحرر من كل الماضي ، من وهم المستقبل ، من الخطط و الأحكام . أي أن الذات المكتسبة تنطفئ في ومضة و لكنها لا تختفي ، لا تموت بل تدرك الوعي المطلق .
وعي حر . وعي يحتفل بالعالم و لا يقاوم أحداثه بل يفهمها بالفطرة . لا يحلل ، لا يفكر ، لا يستخدم الحواس ليفعل ، بل يفعل من غيرها . هي حرية مفعمة بالنشوة
النشوة . تلك التي نعرفها في الجنس تتحقق من غيره . من قارب الموت و لم يعبر يعرفها ، و يعرفها من تحرر بالتأمل من جسده
لطالما اعتقدت أن الوقوف خلف كاميرا يمكن أن يصل لحالة من التأمل ، بالفطرة كنت أعرف ذلك كاليقين . كنت فقط أنتظر حصوله فحصل
هو تأمل لأنه إن أردنا له النجاح في التقاط الجمال ، وجب الاتصال باللحظة نفسها من دون غيرها . بتلك اللحظة فقط.
بالآن فقط
بالمحبة !

28‏/1‏/2009

دائرة الحلم ...



كيف فتحت القاهرة هويتي على الإختبار لا تسأل ...
كيف اعادت انتمائي إلى حيث الإنتماء،
كيف أتتني من حيث لا أدري و أعملت شخصها في شخصي، فشخّصتني في مرضي و شخّصتها في شفائي،
كيف قلبت عالمي إلى أصله، و الأصل توقّد ، و الوقود من نفسي، و النفس من المسقط ،
كيف مرّ النيل ذات ليلٍ من تحتي ، و من تحتي ذات ليلٍ مرّ الزمن ، فاستفقت على حلم ،
و الحلم من شخصي ، و شخصي انتمائي ،
فهل أذهب إلى غير نفسي ؟

عمّا تراني أبحث خارج الحلم ؟
أخارج الحلم أبحث عن قرشٍ أسود، أرصفه جنبًا إلى جنب مع إخوة له في السواد، يومًا بعد يوم ،
من اليوم حتى آخر يوم، عند إعلان الشيخوخة الأخير ؟
ثم أمضي أثقب القرش تلو الآخر ، و يومًا بعد آخر، في آخِر تنازل عن آخِر يوم ٍ من آخر عمر ؟

لن أحيا خارج الحلم...
و خارج الحلم لن أمضي يومًا آخر ...
و يوم آخر لن يمضي من عمري محسوبًا عبثاً علي ،
لأن " الدروب الذاهبة إلى لا شيء " ، دروب مزدحمة ،
و مدني تطلب الذهابَ حيث لم يذهب أحد ، ومدني تطلب رسم الأثر .

بيروت ،
إفتحي دائرة الحلم ،
إلى دائرة الحلم ،
سأعود ...

25‏/1‏/2009

قال أوباما !

وقف أوباما أمام الملايين في واشنطن ليعلن

في هذا اليوم التاريخي، أقسم أمامكم جميعًا و أمام الله العادل
و أمام عائلات الضحايا الذين سقطوا بسبب جشعنا و عنفنا

أمام شعوب الأرض الفقيرة أجمع،
أمام أشلاء الأطفال و دموع أمهاتهم في الشرق ، أقسم أن لا رجعة إلى هذا الماضي المظلم

منذ اليوم ننطلق معًا نحو عالم أفضل ، رحب ٍ عادل ٍ ، لا مكان فيه لحروب الدين و النفط
حيث لا يقتل الأخ أخاه و حيث المحبة شرع أعلى

أقف أمامكم اليوم لأعلن غدًا أفضل .
لأعتذر منكم جميعًا أيها المتحلقين حول شاشاتكم مفعمين بالأمل ، لأعتذر عن أمسنا البغيض

أعتذر للكوريتين حيث باسم محاربة الشيوعية أرقنا دماء الآلاف
أعتذر للأطفال الذين اشتعلت أجسادهم الندية في جحيم فييتنام . للذين أذبنا لحمهم حتى العظم

أعتذر للتاريخ الأسود في هيروشيما . في ناكازاكي . للمدن التي أخفيناها في ومضة نار و سحاب
. لمن ماتوا و من نجوا . لمن تشهد أجسادهم و أجساد أحفادهم على فعلنا الأحمق

و الرعشة تملأ شراييني أعتذر للطفلة التي استيقظت ذات صبح في ليبيا على موت . لفقراء الصومال . للقارة السوداء أجمع

للذين نهبناهم حتى الفناء باسم أمننا و رخائنا و مصالحنا، للذين تجاهلنا إنسانيتهم يومًا بعد يوم حتى فقدنا قدسية الروح

أعتذر للملايين المشردين حول العالم بفعل جهلنا و باسم ربنا.
لأولئك الملتفين بكوفية و في يدهم زهرة و بندقية و في أضلعهم طفل يحتضر

أعتذر لأننا لم نفهم . لم نحاول أن نفهم. عذرًا فلسطين يا آخر حرية في ضميرنا

أما بابل المسبية فأجثو في حضرتها لأعتذر، لأننا كذبنا و كذبنا حتى صدقنا أنفسنا و اندفعنا نحو القتل بلا خجل .
لأننا في أبو غريب فقدنا اتصالنا بالذات . بالمستقبل .

إخوتي في العراق اعذرونا و اقبلوا منا فعل الندم و وعد البناء

هذا بعض من فيض يا أحبة . و إن ننسى لا ننسى المرميين من غير وجه وجسد في معتقلاتنا السرية و العلنية .

لا ننسى الجياع حول العالم . لا ننسى كل من تألم بسببنا ، من بكى أمًا أو أبًا أو أختًا . كل من لملم بعد انتقامنا أطفاله أشلاء

كل من نصبنا على حياته ديكتاتوريات لا تفنى ، من جعلنا من ماضيهم سراب و من مستقبلهم وهم .

أعتذر ألف مرة عن كل رصاصة صنعنا و عن كل قرش جنينا من مصانع الخراب


إنني اليوم أقسم أن أمتنا لن تعود كما كانت بالأمس . إنني أقسم أمامكم أن أقف نفسي على العدالة و المساواة و المحبة
أن أستخدم قوتنا و رفاهنا في سبيل الجمال المطلق حتى لو تخلينا عن بعض الخاص لخدمة العام . لخدمة الإنسانية .

تواضعي يا أميركا كي لا يكون الفناء و اقبلي مني خالص الندم و اجعلي من ...... فالذي كان ....... السماء من .........

..... ..... ......جئت ..... ........ كما ......

راحت كلماته تتقطع و تخفت رويدًا و تختفي وسط ضجيج مزعج غريب .
فتحت عيني على منبه مجنون يقفز على الطاولة إلى جانب السرير .

أف . ليتني لم أستيقظ أبدًا . جررت جسدي بالقوة نحو المطبخ ، صنعت لنفسي بعض القهوة
و فتحت جريدة الأمس على ...... ما لم يقله السيد المبجل أوباما

الحقيقة مرة نعم . قلت لنفسي . و جعلت أعدها لقتال طويل آت ٍ

حتى النصر أو الشهادة

أليس هذا ما تقوله فلسطين

إلى الأمام فالآتي ليس حلمًا

1‏/1‏/2009

دولة البلاطجة !


البلطجي تعبير مصري يصف الشخص الذي يتخذ من الاحتيال المدعوم بالعضلات مهنةً
ولعل التعبير الموازي له باللبنانية هو أزعر الحي أو الزقاق أو المحلّة أو عضو تيار المستقبل

البلطجي يجني عيشه من السرقة و الاحتيال و فرض الأتاوات و قهر الأضعف جسديًا و هو له في الزنازين ذكريات عدّة

البلطجي قد يعمل لدى تاجر مخدرات كحارس و أداة ترهيب و هو يمتاز بقوة جسديّة ٍ ضخمة ، قد لا يوازيها قوة في عالم الحيوان إلا الخرتيت ، مع الاعتذار من الحيوان

البلطجي في عرف الدولة، خارج عن القانون و خطر على سلامة المجتمع و أمنه
هذا في دول لها قانون ترعاه مؤسسات و تنظم عمله ، في دول تحاول الاقتراب من العدالة

أما في مصر ، فالوضع قد يختلف جذريًا

دولة القانون هنا هي دولة الطوارئ ! و للطوارئ باع ٌ طويل ٌ في البلطجة . البلطجة هنا مباركة

آخر ما تفتقت عنه دولة الحسني (المبارك و ليس البورظان) هو تنظيم خاص بالبلطجي يعمل لحساب الدولة

لعلها محاولة للحد من البطالة و تخفيف الضغط عن السجون

لقد تمخّض عقل النظام النيّر عن فكرة تعرّي الشجر من أي حراك و تضع عشرة عصافير في اليد

عند أي تظاهر و تعبير ، تجد مجموعات "البلاطجة " تجتاح الشارع المصري و تفرض نظامها الخاص

ترافق قوات البلاطجة بلباسها المدني قوات الأمن المصري في كل مهامها الشريفة
و في تكتيك فذ ّ يظهر البلاطجة في ومضة من خلف قوى الأمن و ينقضون على المتظاهرين بعنف مبهر

في لحظات يتحول الشارع إلى ساحة معركة تميل كفتها بوضوح لصالح البلاطجة ذوي الخبرة و التجربة

مع كل ضربة يسددها و تبلطح من يتلقاها بالأرض ، ينظر البلطجي في وجه ضابط الأمن ليتأكد من تلقيه لأجره الموعود
يخفي الابتسامة باحتراف و يكفهر لينقض على ضحية جديدة . هي شريعة الغاب و في الغاب يأكل البلاطجة لحم الأسود

تمضي دقائق تمتلئ فيها عربات الأمن ( وهي سجون محملة على عجلات ست ّ ) بضحايا البلطجة

على طول الشارع لن تعرف البلطجي من المواطن إلا عندما ينقض ّ عليك فجأة و يشفي حقده المزمن
فيما أنت عالق في براثن آخر يسوقك مرغمًا إلى العربة و العربة تسوقك إلى السجن
و السجن إلى المستشفى، هذا إن كنت من أصحاب الحظ الفائق


هذا في تعريف البلاطجة . أما دولتهم فقد قامت على أنقاض أم الدنيا و هي دولة فريدة تستمد وحيها من الموز و جمهوريّاته

هي الحضارة الجديدة التي بعد دولة المماليك العظمى، تسعى بشدة لاسترجاع مجد ٍ مضىى عبر التوسع إلى دول أخرى

نجد في الأردن بلاطجة بدو الملك ، و في السعودية بلاطجة الأمر بالمعروف و في لبنان بلاطجة فرع المعلومات ألخ


و لكي نترك للمستقبل شعلة أمل، فقط تخيّلوا لو انقض البلاطجة فجأةً على اسرائيل في حركة مباغتة

هذا طبعًا وا أسفاه ، خيال مستحيل لأن البلاطجة لا يواجهون إلا الأضعف

دولة البلاطجة يا إخوان لا تسقط إلا بالقوة

المجد للقوة