29‏/3‏/2009

ثقافة القبح !


لا أجد تعريفًا للقبح إلا في انعدام الجمال.
و الجمال هو كل ما يشبه الروح البشرية لحظة سموّها و اتصالها بالحب جوهر طبيعتها .

حدث أن جاري في القاهرة يمتلك صوتًا "قبيحًا" .
هو إن تحدّث بأمر وجب عليه أن يخفض صوته كي لا يتسبب بانهيارات عصبية لي و لسكان المباني المجاورة !
لست هنا في معرض انتقاد صوته القبيح إذ ما في يده أي حيلة ! هو ولد و الحال هذه !

المشكلة عندي تكمن في استخداماته لهذا الصوت القبيح !
من الواضح لأي أذن بشرية مرهفة أن صوت جاري لا و لن يصلح للغناء . لن تطرب له أي نفس طبعًا !
لن تتمايل له أهداب و لن يميل له أي غصن بان !

لكن لجاري و للقيمين على مهنته رأي آخر .
هم رأوا فيه و لا بد شيئًا مختلفًا ، مميزًا ، قل ربما مقدسًا ، فما كان منهم إلا أن عينوه مؤذنًا في ناصية الشارع ، و زودوه مكبرات للصوت ليس بعدها تكبير ! فللنداء على الصلاة في هذه المدينة الديّنة أهمية قصوى.

الله أكبر يصيح الجار خمس مرات كل يوم بليله و فجره ، أقول يصيح و أشدد على فعل الصياح ، فهو يصيح و لا ينادي !
و في صياحه يشدد على جملتين مهمتين :
"سمع الله لمن حمده " يقول . ثم يحمد الخالق على هذه المهنة التي تطعمه في الدنيا و تشبعه في الآخرة عسلًا و لبنًا .
و عند الفجر يصيح في أذني التي لم تعتد صياحه بعد ، ليؤكد أن "الصلاة خير من النوم " ، خير من النوم ، خير من النوم !
لصوته فعالية رهيبة في إيقاظي ( ليته يصيح عند الثامنة صباحًا ليفعل ما عجزت أعقد الساعات المنبهة عن فعله معي ) .
هذا الصوت نفسه الذي أرتعد في سريري عند سماعه لم يتمكن بعد من إقناعي بأن الصلاة خير من النوم ، و أنا لست بكافر حتى اللحظة !

لا بد من خطب ما إذًا، من عقدة ما تجعله يفشل في زحزحتي من السرير !
العقدة تكمن في فهمي للصلاة كاتصال بالله ، جوهر الجمال .
كيف يمكن للقبح أن ينادي الجمال ؟ هنالك استحالة في ذلك ، بالنسبة لي على الأقل .
هنالك استحالة في التقاء العنف بالمحبة و ما صوت جاري إلا تجسيد لعنف الوهابيين . لرفضهم المطلق للجمال .
الجمال عندهم نجاسة ، و الصوت الجميل يحمل تفاعلات جنسية ، لذا يختارون الأقبح مدخلًا للصلاة .

القاعدة الأهم التي يتعلمها كل من يمارس التأمل ، تكمن في أن الاتصال بالجمال الذاتي مدخل أساسي للاتصال بالجمال المطلق ، بالله المصدر .

هذه هي عقدتي مع جاري الموهوب بوهابيته ، عقدتي مع الوهابية الزاحفة إلينا من صحراء الخيال ، من مدن الملح المزدحمة بقبحها ، من خليج البشاعة .
هي ثقافة القبح التي بكل وضوح غزت القاهرة و ناسها و تغلغلت حتى الروح .
صوت الجار المؤذن رذاذ وسط بحر القبح السائد ها هنا .
صياح الجار قبح ينخر في عظامي ، لكني لن أرضخ و لن أصلي ما دام هو المنادي ، فافتحوا لي أبواب الجحيم على مصراعيها ، لا بد لي من رحمة ما هناك !



12‏/3‏/2009

عن الأمن و الوزير و المؤسسة الدينية !

لم أشاهد فيلم HELP اللبناني بعد و يبدو أن حظوظي في مشاهدته قد طارت مع قرار الأمن العام اللبناني (القندهاري) بمنعه .
لا زلت لا أعرف قيمة الفيلم الفنية أو الفكرية أو الاجتماعية بعد، و لكن قرار المنع استثار كل وصلاتي العصبية من الأخمص إلى الدماغ
و جعل عقلي يتناطح و بعض الأسئلة التي لا بد لي من طرحها .
أطرحها على الأمن العام (لم يعد عامًا أبدًا بل تدخل في حياتى الخاصة جدًا) و على الوزير المستجد بارود (لم يعد مستجدًا بل صار متمرساً في زواريب التنازل ) و على الموسسات الدينية في لبنان (الحاكم الفعلي المتحكم بالرقاب و الأرزاق و أبواب الجنة) !

أستصرخ الأمن العام الإجابة عما يلي :
هل نحن في دكتاتورية ؟ لأن الأمن عندما "يعم كثيرًا" يلامس الديكتاتورية .
من نصّب ذاك الرقيب رقيبًا على أخلاقي ؟ من اعتبر أنه أفضل مستوًى مني و أكثر وعيًا و اعمق رؤيا ؟ هل لنا أن نختبر مستواه ؟
الديكتاتور يعرف مصلحة الشعب أكثر من الشعب ، و هكذا يحكم باسمه و لخيره ! أليس كذلك ؟

و الوزير الأب المحامي خالد بن زياد بن بارود الداخلي :
هل تسربت إليك أخيرًا أمراض الوزارة و السياسة و ألاعيبها ؟
هل بعدما سمحت لنا (و لا شكر على واجب) بشطب المذهب عن الهوية أصبحت مضطرًا للتنازل أمام المؤسسة الدينية ؟ ( و أعني هنا بالذات رقيب الظل المبجل الحنيف الفنان الأول المركز الكاثوليكي للإعلام )
وهل يحق لجهاز أمنك العام أن يصادر صلاحياتك بسحب رخصة عرض فيلم ؟ أم أنك مستعد للتنازل عن بعضها لصالح جهاز ديني ( و كل دين غباء عندما يفرض فرضًا) ، كي لا تتسبب لنفسك بدخول الجحيم ؟
أم هو مجرد تأجيل للجحيم الذي قد تلاقيه من مطارنة و بطاركة و شيوخ طالت لحاهم حتى فاضت ؟
بالأمس يا أب زياد ، تدخلت لرد الرقيب عن منع فيلم "سمعان بالضيعة" ، هلا تدخلت من جديد أم أن الوضع هذه المرة أكثر تعقيدًا ؟ مارس الشجاعة اليوم يا أب زياد فهي صفة دائمة و ليست بفعل مؤقت !
مارسها و إلا إرض بلقبك الجديد : الأب الديكتاتور .

أما المؤسسة الدينية فعندي لها أسئلة بحجم درب اللبانة و أكبر بدأت مع لحظة ولادتي في عالم الطوائف الأسمى (و لكنني سأختصر) :
يا أب فلان و شيخ فلاني ، كيف لله أن يجعل منكما رقيبين على أنفاسي و أنفاس إخوتي العباد ؟
هل يحبكما أكثر مني ؟ لا أصدق ذلك ، عفوًا يعني !
هل لا زلتما تعتقدان أن في هذا العالم مكان لسلطة الله على الأرض ؟ (ما عدا قندهار و مصر و جيبوتي )
كيف تريدان مني أن أسمع لكما و أنتما سبب كل عذاباتي تحت أغصان الأرزة التي على العلم ؟ (ليتها كانت قرنبيطة لاستطعت على الأقل أن أسد بها جوعًا )
أوليس التكفير بسهل ؟ أولم تسمعا عن التكفير و الهجرة أو التفكير بالهجرة ؟ (لكما أن تختارا أحدهما و تختفيان من حياتي ) خيي كفرونا و فلو عنا
أوليس من الأفضل لكما العمل داخل معابدكا و أن تبتعدا عن عالمنا المعربد ، و إن أتيناكما بعد ذنب تغفران ؟
لا جواب عندكما طبعًا لأن اللاهوت و الشريعة حكر على المؤمنين و نحن رواد كفر . لذا دعكما من الجواب و استمعا لنصيحة أخ لكما في الإيمان :
ضبو الشنطة اليوم أفضل . لأنو وصلت عالآخر . أف .

5‏/3‏/2009

ذبيحة العرس !


لاحقتني روائح القتل أينما وليت الوجه !
ثقيلة حارّة رطبة لزجة ،
تجد طريقها من الأنف إلى اللسان فالحنجرة ، و تلتصق .

جعلوهم ينظرون الموت في عينه.
شاهدتهم يذرفون دموع الرعب و يتهاوون واحدًا تلو الآخر . يتخبطون في دمائهم . بعضهم سقط قبل أن يذبح ، خارت قواه تحت وطأة الخوف !
بعضهم طأطأ الرأس و ناح ، و بعضهم .... لم يفهم :

كيف سال الدم من طلعت حرب إلى قصر النيل إلى النيل ! كيف تحرك الأسدان للرائحة !
كيف باسم الله ارتكبت المذبحة!
كيف أزهقت الأرواح و هلل الناس للموت !
كيف صاحوا و صاحوا و لوثوا الحيطان و الأزقة بالكف الأحمر !
كيف يتعمد المجرم ترك بصماته في المسرح فخرًا بالجريمة أو عبرة لغيره من القتلة !
كيف يصبح فعل القتل مقدّسًا !
كيف يسيرون بعد اليوم في شوارعهم !
كيف بعد اليوم يعاودون انتعال أحذيتهم الدبقة !
كيف يغسلون الأيدي و يمضون ... ... للصلاة !
أي وضوء هذا ؟
و أي إله هذا ؟
وأي صلاة تلك ؟
و أي خلق أجدر بالحياة ؟
أكلة اللحوم آلات القتل ، أم الدواب القانعة التي باسمه تنحر؟


لعنة الوجود عليكم و على عاداتكم و تقاليدكم و صلواتكم و معابدكم و رجالكم و نسائكم ، اللعنة على من يسكت عنكم يا حثالة ، يا من جعلتم الغضب يدخل قلبي من جديد !
قذارة !