22‏/9‏/2011

نيوتن السوري !


 
يقولون سقطت تفاحة على نافوخ نيوتن و هو نائم يحلم تحت شجرة ما !
في تلك اللحظة استيقظ نيوتن متألمًا نظر التفاحة بغضب ، و لما أدرك فعلًا ما حصل اكتشف قانونه الشهير . غيّر نيوتن شكل البشرية . تعامل مع حدث صغير تافه ليستنبط أحد أهم قواعد الفيزياء . لقد استخدم الرجل تلك المادة الغريبة المزروعة في تجويف رأسه ، الدماغ … العقل … استخدم عقله ليعقل الحدث و منه ينطلق .

الآن تخيلوا معي التالي :
هَوَت التفاحة في سقطة حرة لترتطم بنافوخ العبقري النائم بسلام.
جفل نيوتن و أول ما نطق به كان : آخ، يلعن إختك .
تململ ورمى بالتفاحة بعيدًا و عاود النوم يحلم بنهد حبيبته الندي .  
كان انتصابه هائلًا . بلا تفاحة بلا بلوط !
سقطت تفاحة أخرى و لكنها لم تصب النافوخ المطلوب . سحقت نملة .
سقط نيوتن . لقد تغلب عقله الغريزي على عقله التحليلي . واقعة يعرفها العرب جيدًا .
نحن اليوم نعيش ، نتيجةً لفعل نيوتن، بل قل عدم فعله، في عالمٍ مختلف تمامًا . كون يحكمه و يديره و يحركه … تفاحة طاغية . يا لطيف يا نيوتن يا لطيف !

طيب . هلق تصوروا معي نيوتن السوري ، حالمًا تحت ياسمينة ضخمة .
مرت من قربه جماعة أصولية ذبحت أمامه جمعًا من البشر بالسواطير . فُصلت رؤوسٌ عن أجسادها و قُطّعت أيدٍ و أرجل ونيوتن يحلم بالنهد الندي .
تجاهل نيوتن الحدث .
عادت الجماعة نفسها من صوب البحر مدججة بالسلاح. أطلقت النار على الناس ، على الشرطة ، على نيوتن ، لا بل أطلقت النار على نفسها أيضًا … و يا نيوتن ما تهزك ريح ...أنا و النهد ومن بعدي الطوفان .
في الأفق ، أطلت أساطيل. أطلقت الصواريخ من فوق نافوخه ، فلم يحد قيد أنملة عن حلمه الرطب .
واستمر الأخ على هذه الحال أبدًا .

مر الزمن بسرعة ، وبعد أيام كان نيوتن السوري لا يزال يحلم تحت ياسمينة يابسة في بحر من الدم .
من حق نيوتن أن يتجاهل الحدث ، و لكن من حق الحدث أيضًا أن يتجاهل نيوتن .
يمكن لنيوتن أن يؤثر بالحدث إذا اعترف به و عَقَلَه، أما إذا تجاهله فللحدث أن يفعل بنيوتن شر فعل! آي!

غاص نيوتن عميقًا بالنهد الندي فيما الأرض تدور بسرعة و التفاح ينهمر أحمرًا كالمطر !
عبقري نائم و صمت مطبق !
هناك، في المدينة القديمة، شوهدت نعامة تدفن رأسها في الرماد تحت ياسمينة يابسة !
هدوء. ضباب. ليل . صمت مطبق.
... وبزّ مْجَعْلَك .






4‏/9‏/2011

فتنة ألشين أبو أصبع



بالأمس، دخل فلان محل ثياب شعبي في فرن الشباك في بيروت .
(ملاحظة مهمة لمجريات القصة : فرن الشباك منطقة مسيحية و مالك المحل شيعي. عادي بس إنو ما بينخلطو هاو ).
على كل حال فإن فلان لاحظ في زاوية من زوايا المحل كمية ألاشين إم إصبع (جمع ألشين أبو أصبع ) متكدسة وسط الحر الخانق ! رائحة كاوتشوك ثقيلة تعبق في المكان ! (إنو سعر الألشين ألفين ليرة حسب ما سمعت) .
توجه فلان لتفحص الألاشين . هناك وجد بضعة منها تحمل رسومًا … دينية . يعني شوية كنايس و صلبان و هيك .
صنع في الدانمارك تقول العلامة التجارية . فورًا استبعد فلان نظرية المؤامرة و توجه إلى المشرف على المكان منبهًا من خطورة الوضع ناصحًا بإزالة الألاشين المسكينة . و هذا ما حصل بعد اعتذار المشرف عن خطأ ناتج عن عدم تفحص الألاشين فردًا فردًا و فردة فردة قبل عرضها (يقصد رميها) للبيع .
ابتاع فلان ألشين أبو أصبع يحمل زهرة حمراء و خرج يكمل حياته الساكنة حدّ الملل !

هذه رواية … يقابلها أخرى :

بالأمس، دخل فلان محل ثياب شعبي في فرن الشباك في بيروت .
توجه إلى زاوية الألاشين إم الأصبع و رأى ما رأى !
لهول الصدمة بذل فلان كبير الجهد ليتمالك نفسه . تنفس بعمق و تناول هاتفه الخلوي و صوّر الألاشين بدقة محترف .
لم يعترض أحد فهو ربما يريد أن يبعث بصورة ألشين ما لحبيبة ما تعبيرًا عن عشق ما أو تهديد.
خرج فلان مسرعًا و امتطى سيارته (كاد أن يدهس تيتا لطيفة) ووصل في لمحة بصر إلى مبني ال أم تي في !
و الأم تي في ، لمن لا يعرف ، هي محطة تلفزيونية لبنانية راقية محترمة ملتزمة بخير المجتمع ، و لأنها كذلك سارعت المحطة إلي استخدام صور الألاشين المسكينة في برنامج حواري يبث بثًا حيًا . لم تكتف المحطة بذلك بل جعلت تستقبل الاتصالات المستنكرة .

ما هي إلا دقائق حتى تجمهر المؤمنون الأتقياء أمام المحل المشؤوم صاحب الألاشين و أقفلوه .
رفعوا صلبانًا خشبية و هاجموا السنة و الشيعة و دافعوا عن مسيحيي الشرق المستهدفين هذه المرة … بضربة ألشين ماحقة !
و إحقاقًا للحق ختموا المحل بالصليب الأحمر ، كيف لا و هو شيعي متطفل على المنطقة.
الشعارات التي رفعوها دلت على انتمائهم السياسي … حزرو مين ؟ برافو !

يعني على كل حال ، تدخل الجيش بسرعة و أمّن المنطقة و ضَمَن السلم الأهلي ! يا عيب الشوم .

يا عيب الشوم على الاستاذ فلان ، الذي اختار السيناريو الكارثي .
يا عيب الشوم على المحطة الرائعة فائقة المسؤولية .
يا عيب الشوم على الإيمان الفاحش و الذكي .
و ياعيب الشوم على الدانمارك التي لا تترك فرصة لا تهين فيها الأديان و الرسل و الأنبياء . أحرقوها . أحرقوا السفارة مرة أخرى … شكلها مش زابطة بلا حريق . حْرقوا البلد خيي .
و أكيد أكيد يا عيب الشوم عليي ، عم إكتب عن … ألشين أبو الأصبع !

بصراحة ، نحن على شفير مذبحة إن كان الألشين يحتمل كل هذا التأويل . حقد يريد أن يعبر عن نفسه .
أدعو لحرب أهلية … بالألاشين !



3‏/9‏/2011

Paranoia !



من منّا لم يتابع مجريات الأيام الأخيرة في ليبيا ؟
كان الغموض يسود كل شيء و فشلت الفضائيات العربية في نقل أي شي ء مؤكد و زرعت في شاشاتها بعضًا من عواطف مهترئة و كثيرًا من كذب !
رغم الفوضى في المعلومات فهنالك بضعة مؤشرات مقلقة ، منها :

١- في معركة طرابلس بذل الثوار دمًا كثيرًا و استطاعوا منذ الهجوم الأول ، الوصول إلى باب العزيزية . و فجأة توقف الهجوم ! قالت القيادة العسكرية أنها أوقفت الهجوم لكي  لا يسقط للثوار ضحايا في القصف المرتقب من الناتو على مقر القذافي ! ثم مضى يوم كامل و أكثر و لم يحصل فيه أي قصف .بعدها دخل الثوار باب العزيزية و لم يجدوا أحدًا، لا سيف و لا قذافي و لا من يحزنون ! لقد تبخر القائد !
من أوقف الهجوم و هل كان القذافي في الداخل و لأي غرض جرى تهريبه ؟

٢- أذاعت  الفضائيات خبر احتجاز أحد أبناء القذافي في بيته مع أسرته .  لا بل إن محمد القذافي اتصل شخصيًا بقناة العربية ليؤكد خبر احتجازه الذي كان قد أكده أيضًا رئيس المجلس الانتقالي . و فجأة اختفى محمد . فقد الاتصال به و لم يعلّق أحد على الموضوع . يعتقد كثيرون أن محمد القذافي قد دخل الجزائر ، أي أنه انتقل من طرابلس إلى الجزائر متخطيًا الصحراء و رقابة الناتو الجوية و كل نقاط تفتيش الثوار دون أن يلحظه أحد ! رائع والله !
السؤال الذي يطرح نفسه : من أمّن لمحمد هذا الانتقال (السلس) و لأي هدف ؟

٣ – أما بالنسبة لسيف الإسلام القذافي فقد رافقت الإثارة كل خطواته .
أعلن خبر الاعتقال و أكده القاصي و الداني بما فيهم رئيس المجلس الانتقالي . و ظل الخبر يلعلع على الشاشات حتى ظهر سيف فجأة في شوارع طرابلس و قام بزيارة فندق يملكه قبل أن يتوارى .
هل اعتقل سيف قبل أن يتم إنقاذه أو الإفراج عنه لغرض في نفس يعقوب ؟ أو ربما نفس الناتو ؟
هنالك فعلًا  ما يثير أقصى درجات العجب ! العمى !

٤ – تناقلت وسائل الإعلام على مدى اليومين الماضيين ، خبرًا يفيد أن قيادة الثورة وعدت فرنسا ب ٣٥ بالمئة من حقوق النفط الليبي مقابل حصول الثورة على دعم عسكري . أحضرت فرنسا حلف الناتو بأكمله لدعم الثورة !
غير مستبعد أبدًا و لكن ما يهمنا الآن هو المستقبل . إن كانت قيادات الثورة تشتري و تبيع فهنالك الكثير من الامتيازات التي يمكن الحصول عليها في ليبيا .

هنالك ترابط ما بين النقاط الأربع آنفة الذكر .
كعادته و لحماية مصالحه سيحاول الغرب ابتزاز الثورة لكي يحصل على ما يريد من نفط و مواد أولية و استثمارات تزعج الصين في أفريقيا ! لكي يحصل ذلك لا بد من تمديد مهمة الناتو و ربما تعديلها . يجب إذًا تفادي استقرار الوضع حاليًا ووحدها فلول القذافي التي تقاوم قد تضمن ذلك . لماذا نعتقل القذافي إن كنا لا زلنا نحتاجه ؟
لن ينسحب الناتو و قد يحمي القذافي سرًا تمامًا كما فعل في طرابلس . المدهش أن التاريخ الحديث مليء بأمثلة كهذه   و لكننا لا زلنا نمنح الغرب ثقتنا و نملكه قوتنا بأبخس الأثمان .

أمَلي ألا تذهب دماء الليبيين هدرًا ، و لكني شخصيًا لا أثق بقيادتهم و لا بداعميهم ، و قد أستيقظ ذات يوم لأجد أنني لم أعد أثق بنفسي !
 ضربِت ال paranoia !