29‏/5‏/2011

الديكتاتور الخفيّ !

شاهدت مرغمًا تقريرًا مصورًا يتحدث عن تضامن أهل أطفال مصريين مع الاستاذ الذي ضرب أولادهم بعنف ... قالوا إن هذه وسيلة تربية فقط و إن بعضم كان موجودًا لحظة الضرب و إن العنف وقع بموافقتهم !

القاضي قرر الإفراج عن "المربي"  (اللي بدو مين يربيه) ! الفيديو التالي شاهد على عملية الضرب ، و لا أنصح بمشاهدته :




 الضرب كوسيلة تربية شائع جدًا ، ليس في مصر فقط، بل على امتداد عالمنا العربي كله . ليس هذا بجديد .
صدمتي كانت في دفاع الأهل عنه. و كأن موافقتهم على  هذا الاسلوب المرعب تبرر حصوله . 
إن كنا سنسجن الاستاذ فلربما نفكر بشنق الأهل . (قرار القاضي كان بالتبرئة). تواطؤ في هذه الحالة، بين الأهل و المربي و القضاء.
من يدافع عن الأطفال ؟ لا أحد ؟ لن يدافع عنهم أحد سواء في ظل نظام ديكتاتوري أو غيره .
طبق هذا الاسلوب في التربية على أي مجتمع على وجه الأرض ، تنتج أجيالًا و أجيالًا تمارس العنف بسهولة استنشاقها الهواء.
أوَتستغربون عنف الأنظمة المفرط ؟ و كأن قوى الأمن استوردت من سويسرا مثلًا ؟ 
هؤلاء الذين يطلقون النار علينا كل يوم في الشوارع إنما تربّوا في كنف مؤسساتنا التربوية الراقية! على أيدي أساتذة فطاحل ! 
لي ذكريات في الموضوع لم  و لن تزول من ذاكرتي ( فيكتوريا بعدني بكره دين ربك ) !

إن كنتم تعتقدون بحياة وردية بعد سقوط الديكتاتور، أقول فكروا مجددًا . ماذا عن الديكتاتور القابع في عقولنا . في تفكيرنا ؟
كيف نتخطى قرونًا من التربية على الخوف و العنف ؟ (مش رح نسأل الأتراك أكيد).

قال غاندي الرائع : "كن التغيير الذي تريده في العالم" .
و قال القرآن : "لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" .
good Luck 













 

28‏/5‏/2011

فرخ المعلومات عوّام !



عرف تاريخنا اللبناني الحديث بطة سمينة اقتاتت من دمائنا إذ راحت تغذينا بالسلاح حتى أتى اليوم الذي استولت فيه على المدينة و من ثم الوطن بكامله ! لبست البطة لبوس المنقذ و تسللت إلى أموالنا و إعلامنا و عقولنا .

للبطة هذه فرخ عوّام تتلمذ في بحيرات والده الصحراوية و تمرس في فن الاستيلاء على ما ليس له !
و للفرخ العوّام سيئ الذكر هذا عدة فراخ لعل أكثرها شهرة ً... فرخ المعلومات !


فراخ المعلومات أمام وزارة الاتصالات
  فرخ المعلومات هو أيضًا ... عوّام . آخر عوماته إستيلاؤه على وزارة الاتصالات و منع وزيرها من دخولها ! نعم ، بكل بساطة ! 

سيد الفرخ ، الفرخ الأشرف أبدًا رفض الأوامر السياسية العليا بفك الحصار عن الوزارة . الوزير المسؤول اعتكف و الرئيس الموزة اعتكف بالصمت . الشفاعة في أنه صَمْتٌ بليغ ربما ... يعني و تييييييت !

النكتة إنو في شمال البحيرة ، رفعت مدينة من الفراخ صور الفرخة المتمردة و احتفلت بالإنجاز . نعم . دعاة العبور إلى الدولة احتفلوا بالعبور ... فوقها . مش مستغرب أبدًا طالما القائد فرخ عوام !

أقسم لكم ، نتيجة معرفتي العميقة بالبقر الحلوب و الُأسُود و الفراخ ، أن أحدًا لن يحاسب أحد ... لأننا نعيش عصر البط الكبير ! 
في عصر البط ، كل بطة و ريشاتها . 

 للتنويه فقط، نذكّر ببطة متفرعنة ، نتف ريشها نتفًا فظيعًا ...
المطلوب مجزرة نتف بط و إلا .... تصبحون على طاووس . العمى !


24‏/5‏/2011

أزمة القيم في الحدث السوري.


 مع بداية الاحداث في سوريا وبعد بضعة أيام من المراقبة قررت متأثرًا بعوامل عدة التضامن مع الأسد (مراجعة التدوين السابق) .
مضى على ذلك أسابيع مضنية لم أتوقف فيها عن المراقبة و التفاعل مع كم هائل من المعلومات قد يعجز دماغي المتواضع عن تحليلها أو حتى التأكد من صحتها و صدقها !
أعرف فقط أنني كنت دومًا أخضع موقفي لمجموعة قيم مكتسبة أعتقد بصحتها و صواب اتجاهها.
تحملوني قليلًا إن أطلت.
يمكن لي أن أختصر سلم القيم هذا بكلمة واحدة : فلسطين ! المصيبة أن كل المعضلة تكمن في هذه الكلمة. كيف ؟ ما هي فلسطين هذه ؟
فلسطين قيمة إنسانية بل هي قبلة القيم. إذ نقاتل من أجلها لا نقاتل من أجل قطعة من الأرض أو دين و إيمان غيبي . إننا نقاتل لأننا حمّلناها قيم الحرية و العدالة و المساواة و حق الاختيار و كل الخير و الجمال . نقاتل لأننا نؤمن بالتنوع في الأمة الواحدة ، بالاتحاد من أجل الإنسان ! قد تبدو هذه كلمات كبيرة و رنانة حد الاصطناع و لكنها تحمل فعلًا جوهرنا البشري. بهذا المعنى ليست فلسطين قضيتنا وحدنا بل قضية كل من التصق بإنسانيته ، و هي تحمل روح الأمة ليس لأنها جزء جغرافي منها بل لأنها تحمل قيمها . هذه القيم إن ماتت أو تغيرت ، ماتت فلسطين . هذا على الأقل إيماني العلمي .

إه و شو يعني ؟ لشو عم بتفلسف على الله تبعكن ؟
ببساطة ، أود لو تشاركوني التفكير في المعضلة لأن في المشاركة توزيع للحمل الثقيل .
إن كانت هذه قيمنا الحية، و إن كنا نستلهم منها مواقفنا و تفكيرنا، و إن كنا نعمل عبرها لتحقيق النصر الموعود (ليس بتحرير الأرض فحسب بل بتحرير التفكير)، كيف ندعم نظام الأسد أو نتضامن معه ؟
الرئيس الأسد اعترف بنفسه أن الأمن السوري ارتكب مجموعة من الأخطاء (ربما التوصيف الأدق هو جرائم). لم يعد من المقبول غض الطرف عن العنف الفائق الذي تمارسه قوى الأمن في سوريا و هو عنف لا يخدم النظام أبدًا . (الأرقام تشير إلى ما يقارب الألف شهيد)!
طيب عظيم .
إن أسقطنا هذه القيم على موقفنا مما يحدث في سوريا، نجد للوهلة الأولى أنه من السهل جدًا إتخاذ موقف واضح و شديد الصلابة! يجب إسقاط النظام كخطوة أولى نحو تحقيق هذه القيم و استعادة فلسطين في نهاية المطاف.
هذا الموقف المبدئي لمن يعارض هذا النظام باعتدال أو شدة أو نعومة...

... ولكن .

إن قاربنا المسألة من زاوية أخرى قد نجد أنفسنا في الموقع ذاته. كيف ؟
إن معارضي النظام ، أو معظمهم، يرفضون الاعتراف بوجود جماعات مسلحة (يبدو أنها صاحبة فكر تكفيري) تنشط منذ بداية الأحداث ! هم يتجاهلون سقوط أكثر من ٣٠٠ شهيد من الجيش السوري ، سقطوا بالرصاص و ليس بالياسمين ( و يبدو أن عدد الجرحى مخيف) ! هم يتجاهلون الدور السعودي البارز في تحريك هذه المجموعات . يسمونها بالبعبع . أي أنهم يسقطون عليها صفة الخيال ! هذا طبعًا اجتزاء للواقع .
معارضو النظام ، أو قل معظمهم ، اختاروا تجاهل انقضاض ما يسمى بالمجتمع الدولي (فلنسمه أميريكا اختصاراً)على الرئيس في محاولة ابتزاز واضحة. “نفذ ما نريد و إلا فسنسقطك" ...
ماذا يريد الأميركيون بالتحديد ؟ إختصارًا أيضًا نقول : “أمن إسرائيل فوق كل اعتبار" ...هذا بالطبع تبسيط و لكنه يختصر الموقف ...
برأيي يسقط من يتجاهل هذه المعطيات في فخ انهيار القيم أيضًا ! لأن هذه الطريق حتمًا لا تذهب إلى فلسطين، كون القوى المتورطة فيها كمجلس التعاون الخليجي و أميريكا هي قوى معادية ، أو على الأقل غير صديقة . بمعنـى أن مشروعها و رؤيتها للمنطقة نقيض مشروعنا التحريري التحرري .
طب شو يعني ؟ دوامة من العنف لا تنتهي و خسارة لبوصلة الأخلاق الأساسية و القيم الجاذبة ؟
نعم ، نحن تمامًا في هذا الموقف ! إن وقفنا ضد النظام سقطنا و إن وقفنا معه سقطنا أكثر !

لقد تابعت عن قرب نقاشات السوريين على الصفحات الافتراضية . ما قرأته لا يبشر بأي خير و لا يبني إلا لمستقبل أسود.
تخوين و تخوين مضاد. شوفينية و مثلها مضادة . لا حوار بل تبادل شتائم . كلٌ ينطلق من زاوية أحادية الرؤية و يجتزئ الواقع!
طبعًا ليس ما يجري بسيطًا و المأساة كبرى و لكن حقيقة الأمر أن الانطلاق من عاطفة في بناء الحكم إنما ينتج ديكتاتورية أخرى بديلة ... لا بد من التروي ! والله !
تعو ناخذ نفس طويل رغمًا عن أنف القتل . هل من مخرج ؟

رأيي أن الحل ممكن ، ولكنه يحتاج حتمًا لتنازلات جذرية من النظام (هي ليست بتنازلات بل بحق طبيعي للسورريين) ، و لنية في الحوار من معارضيه (أولئك الذين في الشارع و في البيوت) . رغم القتل نعم و للأسف !
بالآخر نحنا بدنا ناكل عنب .
و لكي نأكل العنب لا بد من ناطور ... و الناطور يقف مع المعارضة في مطالبها الإصلاحية وضدها في مقاربتها لموضوع الحوار.
هو يقف ضد النظام في عنفه و أحاديته وطريقة حكمه المتخلفة و معه في سياسته تجاه إسرائيل و أميريكا !
الناطور يضغط من أجل الإصلاح (هو في الحقيقة تغيير جذري) و يساعد في تحقيقه عبر الحوار.
والناطور هذا هو من يتمكن من المحافظة على سلم القيم آنفة الذكر و يفعل عبرها ... بوصلته فلسطين و قبلته دمشق .
الناطور يساعد الأسد ضد نظامه . باختصار ووضوح.
هو ذاق طعم قمع النظام و هو حاز على ثقته أيضًا !
ليس هذا كلامًا في الفراغ و هنالك من هو مؤهل للعب هذا الدور ... لكنه حتى الآن مستقيل !




22‏/5‏/2011

من تونس للأخ فارس سعيد !



في تونس العاصمة.

ركبت سيارة أجرة متجهًا من شارع بورقيبة إلى سيدي بوسعيد.

رحلة تستغرق حوالي عشرين دقيقة.

لحظة الإنطلاق و بعد السلام سأل السائق : " الأخ سوري" . أجبت : " من بيروت تحديدًا" !

ثم دار الحوار التالي :

السائق : آه لبنان، نحن في تونس نحبكم .

أنا : و نحن نبادلكم الشعور، و لكن ما سر حبكم لنا؟

س : لأنكم تمثلون ما نطمح أن نكون .

أ: كيف ذلك ؟

س : لأنكم شجعان ... و عرب بحق ؟

أ : نحن عرب ؟

س : لأنكم قاتلتم و تقاتلون إسرائيل بشجاعة، لأنكم وقفتم في وجهها ببسالة و علمتمونا أن الحياة بطولة و إيمان و تحد ٍ .

أ : لم أكن أعرف أننا فعلنا كل هذا !

س : أقسم لك . لقد تابعنا حرب تموز بشغف و فرحنا لفرحكم و حزنا لحزنكم و شعرنا معكم بطعم النصر لأول مرة في حياتنا .

أ : و لكننا نحن اختلفنا على تعريف النصر !

س : (متجاهلًا تعليقي) أرجوك بلغ لبنان محبتي و قبل جبين الشيخ حسن نصرالله .

أ : إن قابلت السيد بلغته سلامك . قسمًا .

أخذني السائق بين ذراعيه و قبلني بصدق و قال "نحن إخوة" ، ثم رفض تقاضى أجرة الطريق !

ترجلت من السيارة و راقبته يبتعد و تمنيت للمرة الأولى في حياتي لو كان فارس سعيد برفقتي ! إه و الله !

ثم مضيت في تونس الحرة و في قلبي فرح ...